بواسطة MostafaAlkhawaldeh | يوليو 23, 2024 | مقالات
في كل جولات التفاوض بين الاحتلال الإسرائيلي وحماس خلال شهور طويلة كانت هناك عقدتان مهمتان، الاولى تتعلق بوقف العدوان وكل العمليات العسكرية، والثانية انسحاب إسرائيل من غزة، لكن الملف الاهم بالنسبة للإسرائيليين كان ملف الأسرى لأن نتنياهو الذي لم يفتح الباب لأي صفقة بعد الصفقة الاولى تحت ضغط من أهالي الأسرى الاسرائيليين الذين يتظاهرون ليس ضد الحرب بل مطالبين بصفقة تبادل، وتحت ضغط اميركي لكنه ضغط اعلامي سياسي لم يتطور الى وسائل ضغط حقيقية.
لكن العقدة الكبرى عند الاحتلال انه لا يريد ان تعود غزة جغرافيا وعسكريا واداريا كما كانت قبل السابع من أكتوبر.
من يرفض اي صفقة دون توقف للحرب وانسحاب كامل هي قيادة حماس في غزة لأن بقاء العدوان وبقاء الجيش الإسرائيلي في غزة امر لا يمكن احتماله، اما وقف الحرب والانسحاب فيمكن معه تفسير الحالة تفسيرا ايجابيا.
لكن نتنياهو الذي يرى مستقبله بما يجري في غزة قادر حتى الآن على المحافظة على الدعم الداخلي والأميركي لمخططه السياسي والعسكري، وحتى خطة بايدن فإنها كانت فاقدة لأهم التفاصيل، وحتى الآن لم توافق عليها حماس نهائيا، وليست خيارا لنتنياهو الذي حصل على قوة دفع قوية في مواجهة أهالي الأسرى وخصومه بعملية العثور على أربعة إسرائيليين لدى حماس، وقتل مقابل اطلاقهم مئات الفلسطينيين لكن هذا لا يعنيه، المهم بالنسبة له ان تبقى الحرب.
وعلى الجانب السياسي ما تزال محاولات إسرائيل لإيجاد بديل إداري لغزة او لشمالها مرحليا، ما تزال محاولات قائمة رغم التعثر، فما يزال الهدف الكبير بالنسبة له إخراج اسلحة حماس من غزة وإخراج حماس من حكم غزة. وعلى الارض هنالك تغييرات لا يتوقف عندها الكثيرون مثل المنطقة العازلة والميناء المؤقت وتقسيم غزة الى شمال وجنوب….
الورقة الاهم لدى حماس هي الأسرى، ولهذا يعمل نتنياهو على اضعاف هذه الورقة مع كل جثة اسير إسرائيلي يجدها او اسير حي يحصل عليه، ويريد ان يثبت لخصومه انه قادر عسكريا على اعادة الأسرى الإسرائيليين احياء وامواتا.
عقلية طرفي الصراع في إسرائيل وحماس حتى الآن لا تخدمها إلا استمرار الحرب، ولكل طرف أهدافه التي لن يقبل بها الآخر حتى الآن إلا إذا كانت هناك تحولات ميدانية او سياسية لكن لا تعولوا كثيرا على خلافات نتنياهو مع خصومه فما تزال الحرب تجمع المجتمع الصهيوني.
بواسطة MostafaAlkhawaldeh | يوليو 23, 2024 | مقالات
الفلسطينيون باتوا، كما تشير أرقام الاستطلاع، أكثر تأييداً وحماسة لخيار المقاومة المسلحة. اثنان من كل ثلاثة يدعمان هذا الخيار، وهذا تطور لافت في “المزاج الشعبي العام” يعود إلى عوامل عدة.
للمرة الثالثة خلال أشهر الحرب التسعة على غزة، يجيب الشعب الفلسطيني عن أسئلة المرجفين والمرتجفين، الشكّائين والمشككين، بما يقطع الشك باليقين. وبدلاً من الغرق في فوضى الاجتهادات والنبوءات، المخلصة منها والخبيثة، يتعين على كل من يريد قياس “نبض الشارع” الفلسطيني والتعرف إلى “مؤشراته الحيوية” أن يصغي إلى ما يقوله الشعب، لا إلى ما يقال عنه، وتحديداً عبر قنوات الإعلام الأسود المكرسة لخدمة الرواية الصهيونية، والمروجة لكل مشاعر اليأس والإحباط والهزيمة.
للمرة الثالثة، يقول الشعب الفلسطيني كلمته في السابع من أكتوبر. اثنان من كل ثلاثة فلسطينيين يريانه يوماً مجيداً أعاد إلى القضية الفلسطينية ألقها بعد طول غياب وتغييب. لا مطرح لمشاعر الندم، ولا مكان للأصوات التي تحاول أن تنسب إلى هذا الشعب ما ليس فيه… بعد تسعة أشهر من أعنف حملات التطهير والتطويق والإبادة، يعتقد 80% من الفلسطينيين بأن “الطوفان” أعاد قضيتهم الوطنية إلى صدارة جداول الأعمال والاهتمامات الدولية، وذلك كان هدفاً مركزياً لمن قرر وخطط ونفذ السابع من أكتوبر وأدار حرب الطوفان بكل كفاءة واقتدار.
ما لم تقله أسئلة الاستطلاع الثالث الذي نفذه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية أن “الطوفان” أضاف قضية الشعب الفلسطيني إلى قائمة أولويات الحملات الانتخابية في معظم دول الغرب، بمن فيها الولايات المتحدة، وأحالها لأول مرة في تاريخها -ربما- إلى “قضية داخلية” تدخل في حسابات السياسيين وأحزابهم المتنافسة… هذا تطور غير مسبوق.
حملات الشيطنة والتشويه لحماس وكتائب القسام والمقاومة لم تجد طريقها إلى عقول الفلسطينيين وقلوبهم وضمائرهم، برغم كثافة الضخ الإعلامي الأسود وانخراط رموز وأسماء من سلطة رام الله في حملات التشويه والشيطنة والتشكيك والاتهام… 90% من الفلسطينيين لم يشتروا هذه البضاعة الفاسدة. ارتفعت شعبية حماس وخيار المقاومة، وسخر الفلسطينيون من “حكاية” جرائم الاغتصاب وتقطيع رؤوس الأطفال المنسوبة إلى المقاومين، وهي على أي حال رواية آخذة في التهافت في “بلدان المنشأ”، بعدما فضحت التحقيقات الصحافية والحقوقية المتخصصة بؤسها وكذبها.
الفلسطينيون، بمن فيهم الغزّيون، الذين فقدت 60% من عائلاتهم أحد أفرادها، شهيداً أو جريحاً، يواكبون الأداء السياسي لمقاومتهم، ويثقون بقدرتها على إدارة المفاوضات، وأكثر من ثلثيهم أعربوا عن تأييدهم قرار حماس القبول بمبادرات وقف النار التي تستبطن وقف الحرب وسحب قوات الاحتلال وإدخال المساعدات وعودة النازحين وتبادل الأسرى… أكثر من نصف سكان غزة يتوقعون عودة حماس إلى حكم القطاع، وثلثا الشعب يرون أن المقاومة هي المنتصرة في نهاية المطاف، وأكثر من نصف أهل غزة وثلثي الشعب يؤيدون خيار عودة المقاومة إلى حكم غزة، لا السلطة ولا البدائل ولا “التركيبات الهجينة” لسلطة عربية – إقليمية متساوقة مع مشاريع “رسل الموت” الأميركيين، من بلينكن إلى سوليفان، مروراً ببيرنز وأوستن.
الفلسطينيون باتوا، كما تشير أرقام الاستطلاع، أكثر تأييداً وحماسة لخيار المقاومة المسلحة. اثنان من كل ثلاثة يدعمان هذا الخيار، وهذا تطور لافت في “المزاج الشعبي العام” يعود إلى عوامل عدة.
الأول؛ كفر الشعب الفلسطيني بنجاعة “الآليات الدولية” لحل الصراع، فرغم الترحيب بما يجري في محكمتي لاهاي وما يصدر عن مجلس الأمن، فإن نسبة محدودة فقط تثق بأن قرارات المحاكم والمجالس الدولية يمكن أن تفضي إلى نتيجة. أضف إلى ذلك “كفر” الفلسطينيين بالمواقف الرسمية العربية وقدرة “اللا-نظام العربي” على تقديم خشبة خلاص لهم، بعدما عجز هذا النظام عن تقديم حبة الدواء ولقمة العيش وشربة الماء.
الثاني؛ انهيار الثقة بمسارات الحلول التفاوضية، من أوسلو وما قبله وما بعده، وتآكل القناعة بحل الدولتين إلى ما دون الثلث، فقد سُدّت سبل الحلول السياسية أمام الفلسطينيين، ولم يبق لهم سوى خيارهم الأول الذي ميّز انطلاقة ثورتهم المعاصرة: الكفاح المسلح، قبل أن تتخلى فصائل رئيسة عنه، إثر الدخول في دهاليز مدريد – أوسلو وما بعدهما من محطات خاوية.
الثالث؛ لأول مرة يكتشف الفلسطيني بنفسه، ويرى رأي العين الأثر الفاعل والكبير لمقاومته المسلحة في خلخلة أركان كيان العدو وزلزلته. لأول مرة، تستحدث مقاومة الشعب الفلسطيني وإسناد جبهات الإسناد مثل هذا الأثر وبهذا الحجم… القناعة تتكرس بأن هزيمة إسرائيل باتت أمراً ممكناً، والثقة تزداد بقدرة المقاتل الفلسطيني والعربي على رد الصاع صاعين، فلم تعد المقاومة فعلاً “رمزياً” ينهض كدلالة على الرفض والممانعة، بل صارت معول هدم لنظريات الردع وصورة الجيش الذي لا يقهر وكل منظومة “الأمن القومي” الإسرائيلية.
تتظهّر كما لم يحدث من قبل خيارات الشعب الفلسطيني وتفضيلاته الكبرى. درجة الرضا عن أداء المقاومة وقيادتها (السنوار) في ارتفاع لا يوازيه سوى هبوط حاد في شعبية القيادة في رام الله، فتسعة من كل عشرة فلسطينيين يطالبون رئيسهم بالاستقالة، و75-80 منهم لا يوافقون على خطاب عباس في قمة المنامة، سواء لجهة تحميل حماس وزر “توفير ذرائع للعدو” أو لجهة تحميلها المسؤولية عن انسداد مسار المصالحة، وثلاثة أرباعهم لا يرون جديداً ولا إصلاحاً مع حكومة محمد مصطفى… والأهم من كل هذا وذاك أن شعبية فصائل المقاومة في تزايد، وتتزايد معها الثقة بأهليتها لحكم غزة وفلسطين.
وتتظهّر كذلك رؤية الشعب الفلسطيني لمن يقفون معه بالدم والنار، ومن يكتفون بالدعم الإنساني والسياسي، ومن يتآمرون ويتواطأون… اليمن – أنصار الله حل أولاً، يليه حزب الله، ثم قطر وإيران، تليهم مصر والأردن، بمسافة واضحة. أما التطبيع السعودي – الإسرائيلي، فمرفوض من ثلاثة أرباع شعب فلسطين.
لم يحدث في التاريخ ما حدث في غزة خلال الأشهر التسعة الفائتة، لكن البيئة الحاضنة للمقاومة ما زالت على انحيازاتها الكبرى، برغم الألم والنزيف، وإن كانت أرقام غزة قد سجلت انخفاضاً نسبياً عن أرقام الضفة الغربية من جراء هول الكارثة في كل أبعادها، فهذا أمرٌ طبيعي ومفهوم، إلا أن الكتلة الحرجة من أهل غزة ما زالت ممسكة بخياراتها، ولم تغرد خارج السرب الوطني الفلسطيني المقاوم، برغم الاستهداف المنهجي المنظم لهذه البيئة لفصلها عن مقاوميها.
وبعد 9 أشهر من الحرب، تبدو المقاومة، خياراً وفصائل وقادة وإدارة للميدان والسياسة، في مكانة يتمنى أعداؤها لو أن لهم مثلها في مجتمعاتهم. تكفي مقارنة بسيطة بين ما يعانيه نتنياهو والمستوى السياسي الإسرائيلي من انقسامات وعزلة وانعدام ثقة وتخبط وما تحظى به المقاومة من دعم وثقة وإسناد، حتى تتضح معالم المرحلة المقبلة، وتتبين لنا خيوطها السوداء من خيوطها البيضاء… ولسنا نبالغ أو نتطيّر إن قلنا إن على العالم النظر إلى “إسرائيل ما بعد الحرب” وليس إلى غزة ما بعدها.
بواسطة MostafaAlkhawaldeh | يوليو 23, 2024 | مقالات
أثارت تصريحات لوزير الداخلية الأسبق، والسياسي، سمير حباشنة، ضجّة كبيرة في الأوساط السياسية والإعلامية في عمّان، إذ تحدّث عن خطورة تغوّل أصحاب الأموال على القوائم الحزبية وفي الترشّح للانتخابات النيابية، ما يعزّز من شكوك وتشكيك تيار يتوسّع في المشهد السياسي في جدوى العمل الحزبي ومدى قدرته على التعامل مع الانتخابات في سبتمبر/ أيلول المقبل.
ما ذكره الحباشنة متداولٌ في الأوساط النخبوية والسياسية، وتثار حوله إشاعاتٌ وأقاويل، وهي أمورٌ يصعب الإمساك بها قانونياً بصورة حاسمة. وربما أكثر من ذلك، هنالك أقاويل عن “مافيات تجارة” بأصوات الناخبين، بخاصة في المناطق الفقيرة والمهمّشة والمعدمين، وتسعيرة للصوت، بما يؤثّر، بدرجةٍ كبيرة، على مدى إيمان الناس بأنّ الانتخابات المقبلة ستكون خطوة نوعية إلى الأمام.
سبق وأن ناقش المقال السابق للكاتب في “العربي الجديد” (7/7/2024) حالة الغموض واللايقين والحيرة في الأوساط السياسية والحزبية. ولكن من الواضح أنّ الغموض لا ينقشع، بل ربما يزداد، ومن الضروري لتبديد الهواجس والشكوك والتردّد أن يكون هنالك خطاب حاسم واضح من الدولة يجيب على أسئلة رئيسية، حتى وإن كان بعضها من المفترض أنّه، دستوريأً وقانونياً، محسوم، ولكن لتطمئن قلوب المواطنين والسياسيين، ويزدادوا إيماناً بأنّ هنالك أجوبة حاسمة لدى الدولة على ما يثار.
عودة إلى السؤال رقم 1 والمبدئي؛ هل فعلاً مطبخ القرار في الأردن جادّ وحاسم في مسألة إعطاء مساحة واسعة للأحزاب والتعدّدية والتنافس وحرية الاختيار والاتجاه نحو حكومات حزبية خلال إطار زمني محدد (يفترض بعد ثمانية أعوام)؟.
والسؤال الثاني؛ هل الهدف من هذه العملية إعطاء زخم ومصداقية وشرعية للعملية السياسية، وتصعيد نخب سياسية قوية في الدولة، وتعزيز المشاركة السياسية وتوسيعها في عملية اتخاذ القرار، لتكون الدولة أكثر قوة وصلابة في مواجهة التحدّيات الداخلية والخارجية؟
إذا كان الجواب على السؤالين بنعم حاسمة واضحة وراسخة، فلذلك شروط لا بد أن تتحقق، أهمها وفي مقدمتها انتخابات نزيهة حرّة، وتنافس عادل بين الأحزاب. ومعنى هذا أنّه لا يجوز أن تكون هنالك إشاراتٌ أو أوهامٌ أو إيحاءاتٌ لهذا الحزب أو ذاك بأنّه سيكون لديه هذا العدد من المقاعد، فمن الضروري أن توضع الأحزاب (بخاصة المحسوبة على الخط المؤيد للسياسات الرسمية، أو التي تقع خارج نطاق المعارضة التقليدية، الإسلامية) في سباقٍ حقيقي، ونكتشف حجمها الشعبي الحقيقي، حتى وإن فشلت في الانتخابات المقبلة، فإنّها ستتعلم من خطئها وتحضّر نفسها بصورة أفضل للانتخابات التي تليها.
هذه النتيجة أفضل بكثير مما لو أخذت رسالة خاطئة، كما هو متداولٌ في نميمة النخب السياسية، بما فيها الحزبية نفسها، بأنّ الصورة محسومة والمقاعد شبه مقرّرة فإنّ النتيجة ستكون كارثية على صعيد شرعية العملية السياسية ورأس المال الرمزي والسياسي للحكم، ولو كانت هذه هي الحال، فكان الأجدى والأفضل، من البداية، تجنّب كل “اللعبة الحزبية”، إذا كنا غير جادّين أو جاهزين لها.
المشاركة الفعّالة من المعارضة السياسية، وهنا المقصود الإسلاميون، لا تؤثر سلباً على الانتخابات المقبلة، بل ستعطي العملية الانتخابية والسياسية زخماً سياسياً جيداً، بخاصة أنّ القاعدة الاجتماعية للإسلاميين مختلفة عن الأحزاب الأخرى عموماً، والمخاوف من تحقيق نتائج صادمة من التيار الإسلامي تكاد تكون محدودة للغاية، ففي أفضل الأحوال ونتيجة للقائمة الوطنية النسبية والعامل الجغرافي في توزيع المقاعد في القوائم المحلية، فإنّ عدد مقاعد الإسلاميين، بأي حساباتٍ، لن يتجاوز الأقلية المحدودة.
السؤال الأخير والخطير: ماذا لو انتكست كل العملية الحزبية، وشعر الناس بأنّ ما حسبوه ماءً عذباً لريّ عطشهم في العمل السياسي، بخاصة الشباب، لم يكن إلاّ سراباً، فما هي النتيجة المتوقّعة؛ وما هي الخيارات الاستراتيجية والسياسية الأخرى أمام جيل الشباب؟ وهل يمكن بعد ذلك أن نخرج بلعبة جديدة، ونقول لهم تعالوا إلى لجنة أخرى؟
بواسطة MostafaAlkhawaldeh | يوليو 23, 2024 | مقالات
يرقب الأردن التحولات في الانتخابات الأميركية، ويبدو لعمان الرسمية أن الحزب الديمقراطي أقل ضررا، مقارنة بالجمهوريين، وهذا ما ثبت تاريخيا.
واشنطن الآن أمام معركة انتخابية بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عن الحزب الجمهوري، والمرشحة الأكثر احتمالا حتى الآن عن الحزب الديمقراطي كاميلا هاريس، وبينهما تتحدد مصالح أردنية مباشرة، وسط تناقضات، ومخاطر في حالات كثيرة، بما يجعل حالة الترقب الأردنية، حالة عربية، وإقليمية أيضا.
من يحكم الولايات المتحدة يجلس فعليا في الكونغرس، والبنتاغون، ووزارة الخارجية، والمخابرات المركزية الأميركية ومؤسسات البحث والتفكير والتحليل، وهذه هي مراكز التخطيط الأساسية، وهي في أغلب الحالات تغير تقديراتها وفقا للظروف، وتمنع انزلاق الإدارة الأميركية في بعض الحالات نحو سياسات تهدد حلفاء واشنطن، وفي ظروف ثانية، تنسجم كل المؤسسات السابقة مع اللوبيات المعلنة والسرية، على تنفيذ اجندة واحدة، يقوم البيت الأبيض بتبنيها ثم تنفيذها، بما يعني فعليا أن البيت الأبيض ليس هو مركز القرار الوحيد، بل توجد مراكز تشارك في صناعة القرار كما هو معروف، دون الغاء هنا لمركزية البيت الأبيض.
مر الأردن في فترة عصيبة ابان وجود دونالد ترامب في البيت الأبيض، وبرغم أن المساعدات الأميركية بقيت متواصلة كون التحكم الفعلي فيها، يجري في المؤسسات المساندة والشريكة مع البيت الأبيض، إلا ان المهددات كان تكمن في سياسات البيت الأبيض ازاء المنطقة، وخصوصا، ما يتعلق بصفقة القرن، وتصفية القضية الفلسطينية بشكل نهائي، وهذه مهددات تؤثر على الأردن مباشرة، وربما من الطبيعي أن يتوجس الأردن اليوم من احتمال عودة ترامب، خصوصا، ان عودته ستأتي بعد مرحلة دموية عبرت عنها إسرائيل بوجود الديمقراطيين، بما يعنيه ذلك من اخطار إستراتيجية، كان يتم الحديث عنها ومن بينها التهجير.
في تحليلات متعددة يقول أصحابها ان لا فرق فعليا بين المرشحين والحزبين الحاكميين، الا في بعض القضايا مثل الملفات داخل الولايات المتحدة، وبعض الملفات المرتبطة بالحدود، إضافة للعلاقة مع القوى الدولية مثل الروس، وما يرتبط من أهمية لنا هنا أي القضية الفلسطينية، ويشير هؤلاء إلى أن السياسة الأميركية هي ذاتها أيا كان حاكم البيت الأبيض، والفرق أن البعض يطبقها بشكل ناعم، وغير مباشر، والبعض يطبقها بشكل عنيف ويتسم بالقسوة والفوقية، مع الادراك هنا أن تصفية القضية الفلسطينية باتت عنوانا فعليا للرئاستين.
كل دول العالم تتطلع إلى ما يجري في الولايات المتحدة واللافت للانتباه أن هذه الفترة حافلة بالتغيرات في كل مكان، بريطانيا، أوروبا، وتموضع إيران وتركيا، وغير ذلك، وكاننا أمام مرحلة عالمية جديدة، بما يقودنا إلى استنتاج مؤكد حول أن الأشهر المتبقية من هذا العام ستكون فاصلة من حيث توطئتها لمرحلة جديدة.
يحاول الأردن أن يبقى معتدلا في تعبيراته السياسية، لكن هناك اجماع أن عودة ترامب ستكون مقلقة جدا، خصوصا، على صعيد قضايا الإقليم، وما يعنيه ذلك من دعم مفتوح لإسرائيل، واستعداء دول المنطقة، وربما إشعال حروب ضد دول عربية وإقليمية، هذا في الوقت الذي حاول الرئيس الحالي تطبيق هذه السياسات، لكن بشكل متدرج، ومتمهل، يقوم على أساس الاستثمار في جدولة الأزمات، عدا ما يخص الدعم المفتوح لإسرائيل والذي سيصل إلى أعلى مدى حالة عودة ترامب.
بواسطة MostafaAlkhawaldeh | يوليو 23, 2024 | مقالات
بداية أرجو معذرتي في هذا المقال القصير الذي يحمل فكرة واحدة فقط، لكنني شعرت أنها فكرة عظيمة لا بد من الإشارة إليها دون إطالة أو تكرار، فالقصة تتكلم عن نفسها وفي مضمونها العشرات من الرسائل الهامة.
قصة رفض مجلس أمناء الجامعة الأردنية طلبا للملك الحسين
التقيت اليوم بمعالي محيي الدين توق على هامش لقاء سياسي، فقصّ علينا قصة جميلة قد رواها له المرحوم الدكتور عبد السلام المجالي، ذلك أنه في عام 1964، أي بعد تأسيس الجامعة الأردنية بسنتين، أرسل الملك الحسين رحمه الله من ديوانه إلى مجلس أمناء الجامعة الأردنية يطلب فيها منهم الموافقة على قبول طالبة عربية، وهي ابنة أحد أصدقاء الملك، في تخصص معين داخل الجامعة الأردنية، فاجتمع مجلس الأمناء وكان يرأسه حينها سمير الرفاعي، وعندما نظروا في معدلها في المرحلة الثانوية وجدوا أنه لا يتناسب مع معايير القبول في الجامعة في تلك الفترة.
قرر مجلس العمداء الاعتذار للملك لعدم انطباق شروط القبول على الطالبة في الجامعة الأردنية، فأرسلوا له رسالة بالاعتذار سلمها المجالي شخصيا، وقال له: “يا سيدي أنا محرج منك جدا ولا أستطيع أن أرفض لك طلبا لكنه قرار مجلس العمداء بالرفض”، فتقبل الملك ذلك بكل رحابة صدر وشكرهم على موقفهم، وقام بإرسال الطالبة للدراسة في المغرب على حسابه الشخصي، تخيلوا معي الموقف؛ ملك البلاد يطلب شخصيا أن يتم قبول طالبة في الجامعة الأردنية ويرفض مجلس العمداء ذلك؟ نعم هذه القصة حصلت في الأردن.
أين النخب الأردنية؟
كان حديثنا عن غياب “النُخب الأردنية” أين ذهبت النخب السياسية المرموقة؟ لماذا تم تجريف بعضها؟ ولماذا تم تحجيم بعضها الآخر؟ ثم لماذا لم نعد قادرين على صناعة وإنتاج نُخب جديدة متميزة؟ ما هي المعايير والمُقاربات الجديدة التي أدت إلى ذلك الأفول وهذا الغياب، أين أولئك الذين يستطيعون أن يقولوا (لا) إذا شعروا أن مصلحة البلد ومصلحة الدولة في هذا الرفض؟
ليس غريبا أن أعود بالذاكرة إلى المرحوم وصفي التل، الذي أحبه الحسين لصفات شخصية عديدة فيه عندما كان رئيسا للوزراء؛ ذلك أنه كان صاحب رأي وصاحب منطق ناقد وشخصية قوية، ولا يخشى من أن يقول (لا) إذا رأى أن المصلحة فيها، كان وصفي التل مقتنعا أن مركز العالم العربي يجب أن يكون في بلاد الشام وليس في القاهرة كما يريد عبد الناصر، كان وصفي يقف أمام عبد الناصر وأمام شخصيته الطاغية حينها ويقف ضده في العديد من المفاصل السياسية الهامة ويقول له رأيا يخالف رأيه في الوقت الذي كانت فيه “النخب” العربية تخشاه وتخاف منه وترتعب! وما زلنا حتى اللحظة نتذكر وصفي ونستحضر تلك الأغنية الحزينة “يا مهدبات الهدب، غنن على وصفي”.
اختفى وصفي، واختفت في الأردن تلك النُخب الناصحة الجريئة وحلت محلها نُخب مُصنعة بعيوب وأخطاء مصنعية فادحة “وعلت ظهور خير المطايا، شر فرسانِ”، تلك النخب المهترئة التي تفكر مرحليا إما بمصالحها أو مكاسبها أو بمقارباتها المختلفة، ويبدو لي كما يقول أحد الأصدقاء عنهم، أن من لم يتم شراء “صوته” تم شراء “صمته”!