جزء من مسيرة الأردن عبر عقود عمر الدولة الأردنية الحديثة هو التعامل مع أزمات تدخل البيت الأردني من محيطه ودول الجوار والإقليم بأحجام وأعمار مختلفة لكل أزمة أو كارثة.
ولان غالبية أزمات الإقليم تدخل حدودنا وتترك بصمات مختلفة الأنواع والأحجام على الأردن، فإن الأردن لا يكاد يتعامل مع أزمة أو يحاول احتواء آثارها حتى تولد هذه الأزمة كوارث مختلفة الأنواع.
فالقضية الفلسطينية التي رافقت مراحل إنشاء إمارة شرق الأردن وكانت حاضرة مع الأردنيين منذ وعد بلفور وهجرة اليهود إلى فلسطين مرورا بكل مرحلة إلى أن كانت النكبة التي لم تكن على الشعب الفلسطيني فقط بل كانت آثارها على دول عربية مختلفة في محيط فلسطين والتي استقبلت النازحين، وكان للأردن الحصة الكبرى من الأشقاء الفلسطينيين الذين انتقلوا للأردن فضلا عن آثار القضية الفلسطينية الناتجة عن سياسات الاحتلال الإسرائيلي وكثير من مخلفات النكبة قبل أن تحل النكسة التي جلبت إلى الساحة ملفات صعبة ومعقدة على الصعيد الأمني والسياسي الأردني فضلا اللجوء الذي صاحب النكبة وصنع واقعا سكانيا أردنيا جديدا.
ولأن العالم لم يذهب إلى حل حقيقي للقضية الفلسطينية فإن جزءا من آثار هذه القضية تحولت إلى جزء أساسي في تركيبة المنطقة والأردن، وزالت عنها صفة المؤقتة إلى كونها واقعا دائما، ولأن الحالة العربية والفلسطينية كانت تسير إلى الخلف ومنحت للاحتلال أن يصنع وقائع على الأردن تحولت إلى أخطار وتهديدات لحقوق الشعب الفلسطيني والأمن الوطني الأردني وهوية الدولة الأردنية.
ورغم ان القضية الفلسطينية هي الأطول عمرا إلا أن المنطقة انتجت أزمات وقضايا كثيرة، فالازمة السورية التي مر على أولها حوالي 13 عاما تحولت إلى واقع سلبي على أطراف عديدة ومنها الأردن، فلا حل سياسيا للازمة يعيد الدولة السورية إلى واقع مستقر، ولا حل لملف اللجوء الذي يدفع الأردن جزءا مهما من ثمنه، ولا إزالة لعوائق صنعتها الازمة على اقتصادنا، فضلا عن ملفات المخدرات والميليشيات الطائفية والإرهاب والتطرف التي تعتبر أزمات صنعتها الأزمة الكبرى.
أزمات كبرى حولنا يعرفها الجميع في العراق واليمن ولبنان.. وكلها تجلس على كتف الدولة الأردنية بآثارها الشاملة، والكارثة الأكبر انها أزمات بلا حلول بل تتحول بفعل استمرارها عقودا طويلة إلى واقع في المنطقة وتتحول آثارها إلى قدر على الأردن…