ماهر أبو طير يكتب: تهديد الوزير وما تزامن معه

لا يمكن للمنطقة ان تبقى دون حسم لكل هذه الصراعات، اما عبر حرب كبرى مفتوحة وممتدة، واما عبر تسويات سياسية، تؤدي لتقاسم النفوذ والخرائط.


يخرج وزير الخارجية الاميركي ويقول في منتدى في كولورادو إن الوضع الراهن ليس جيدا،  فإيران، بسبب انتهاء الاتفاق النووي، وبدلا من أن تكون على بعد عام واحد على الأقل من القدرة على إنتاج مواد انشطارية لصنع قنبلة نووية، هي الآن على الأرجح على بعد أسبوع أو اثنين من القدرة على القيام بذلك.


يأتي كلام وزير الخارجية الاميركي في توقيت حساس جدا، تشتبك فيه اسرائيل مع ايران وكل حلفاء طهران في مواقع مختلفة، ولا يمكن ان يتم تأويل الكلام بغير امرين، اولهما تبرير كل الممارسات الاسرائيلية، وثانيهما ربما التوطئة لحرب كبرى.


في تحليلات لبعض المراقبين يعتقد هؤلاء ان ايران قد تكون انتجت اصلا قنابل نووية، وصواريخ، ولا تعلن ذلك لاعتبارات مختلفة، وتجنبا لحرب هذه الفترة.


معنى كلام الوزير الاميركي الفعلي، انه لم يعد هناك وقت للتعامل مع الخطر الايراني وفقا لتعريفاته، وليس ادل على ذلك من تحديده لسقف زمني لإنتاج مواد انشطارية، وهذا يعني ان على الولايات المتحدة ومن معها الاسراع بالتحرك، بما يمكن اعتباره تهديدا اميركيا مباشرا لإيران، بالمعنى الذي يقصده الوزير.


في سياق متزامن توجه اسرائيل ضربة لليمن، وقد تكون الطائرات الاميركية والبريطانية هي التي وجهت الضربة وتم نسبها الى اسرائيل، في سياقات عملقة اسرائيل في المنطقة وهي التي تقصف في ايران، والعراق، وسورية، ولبنان، وفلسطين، بدعم وامداد عالمي وكالة عن معسكر اوسع له مصالحه في المنطقة.


في كل الاحوال يعد نشر تفاصيل الضربة الاسرائيلية من خلال ذكر عدد الطائرات، والمسافة الطويلة التي تم قطعها، والامداد بالوقود-على افتراض ان الطائرات كانت حقا اسرائيلية- يراد منه ارسال برقية الى طرف آخر، فالضربة على اليمن، والبرقية لبريد طهران، الاقرب لفلسطين، من حيث المسافة، والقدرة على تنفيذ عمليات عسكرية اسرائيلية من ناحية لوجستية، مع الاقرار هنا ان ايران لديها منظومة عسكرية قادرة على الرد، وعلى اطلاق ردود فعل في المنطقة.


منطقة الشرق الاوسط تخضع لضغوطات غير عادية، عمليات عسكرية في دول متعددة، واسرائيل تنفذ عمليات في كل مكان، والتأثيرات امتدت الى الملاحة وتدفق النفط واسعار السلع، ووضع المضائق، والبحر الاحمر، وبحر العرب، ولا يمكن لهذا المشهد المتصاعد ان يهدأ حتى لو توقفت حرب غزة، لأن القوى المصنفة بكونها معادية لإسرائيل، ما تزال موجودة وفاعلة، بما يعني في المحصلة ان المواجهة قد تتوقف في غزة، لكنها مفتوحة مع بقية الاطراف، على المدى الاستراتيجي، خصوصا، مع تغير السياسات الاسرائيلية، من سياسة جدولة الازمات وتأجيلها، والتعايش معها، الى سياسة انهاء المخاطر من جذورها.


الأطراف التي توجه ضربات لإسرائيل من المنطقة، تشترط وقف الحرب في غزة، من اجل وقف عملياتها، فيما اسرائيل لا تتوقف، لأنها بكل بساطة تغرق في غزة من جهة، وهي ايضا ستعود للتعامل مع كل الاطراف التي وجهت لها ضربات عسكرية من خارج فلسطين، في ظل انتهاء نظرية التعايش مع الاخطار.


ما زلنا في بداية مشهد اكثر خطورة، مما رأينه خلال الشهور العشرة الماضية، خصوصا، اننا في المنطقة سندفع الثمن مرتين، سواء اذا حدثت حرب اقليمية ممتدة بكل ما تعنيه من كلف سياسية وعسكرية واقتصادية، او اذا حدثت تسوية اقليمية يتم عبرها تقاسم كل شيء فيما اهلها يتفرجون ويستغفرون ويتساءلون.


بين كلام الوزير الذي يحمل تهديدا مباشرا لإيران، والرد الاسرائيلي على اليمن الذي تزامن معه كتهديد غير مباشر لإيران، نقرأ كل احتمالات المرحلة المقبلة.

إقرأ المزيد من المقالات